الملك بطليموس الثالث هو ابن الملك بطليموس الثاني الأكبر والملكة أرسينوي الأولى ، قد ولد حوالي (282-281) قبل الميلاد. وبتحريض من الملكة أرسينوى الثانية قام بنفي أمهُ إلي أسيا وهجرها وأصبح الملك بطليموس الثالث رسميآ أبن أرسينوى .
الملك بطليموس الثالث وهو يرتدى التاج الأحمر والأبيض من صالة أعمدة معبد أدفو |
بقلم / أمل محمد شرف
أوخر عهد بطليموس الثاني و حياة بطليموس الثالث
أشترك الملك بطليموس الثالث الابن مع والَده في حكم مصر فى الفترة من الزمن بلغت حوالي اثنا عشر عام اي من السنه الخامسه من عَهد بطليموس الثاني حتي السابعة والعشرين . وعندما خَلف بطليموس والَده علي العَرش كان يبلغ من العُمر الخامسة والثلاثون عندما اعتلى الملك العرش ، وبلغت فترة حُكمه حوالي سته وعشرون عام iii .
- توضح لنا البحوث الدقيقة صورة الملك بطليموس الثالث فى تولى العَرش في أواخر 27 يناير سنة 246 قبل الميلاد وفاة الملك بطليموس في 16 فبراير عام 121 قبل الميلاد أصبح الحاكم الثالث .
و مُدة أشتراكه مع والَده في الحكم كان مُجرد مُتفرج ، دون أن يتعلم من فنون حكم وسياسية المَلك شئً ، ولكن ملكة أرسنوي الثَانية ( وأخت بطليموس ) حرصت علي جعل الملك بطليموس أبنً سفاح ولكن الأمير المنكود وصل إلي سن النضوج دون أن يتعلم شئ ، وفي واقع الأمر أن أمور الحكم كانت في يد الملكة أرسنوى الثَانية وظل الملك بطليموس الثالث خامل الذكر أقناء إشتراكة مع والَده كما ذكرنا مُسبقآ إلي أن رأينا أسمه يُنقش في المراسيم.
لم يكن الملك بطليموس الثالث شخصية بارزة ، حيث أننا لا نعلم شئً عن صباه ولا حتي عن أساتذة الذين ربوه صغيرآ .
كان الملك بطليموس الثالث يَسير علي حسب التقاليد البطلمي في أسرته، حيث أنه جاوز العقد الثالث من عُمره ولم يكن له زوجة شرعية وبيت خاص بيه ومن ثََمَ تولى بطليموس الثالث الحُكم وعقد قِيران وريثة عرش ( سيريني ) وبذلك أصبح الملك بطليموس الثالث الحاكم ملك مصر و سيريني في وقتآ واحد .
أهم اعمال الملك بطليموس الثالث والسياسة الداخلية :
- أول عمل قَام به : وأول عمل قام به بطليموس الثالث فى عهده بمجرد أعتلائهُ العَرش وضع ملك حدآ الفصل والقطيعة التي كانت بين مصر و سيريني ، ودامت ثلاثون عام. وقد تم هذا نتيجة زواج برنيكى ( أبنة مجاس ) ونتيجة أخرى لهذا الزواج وهي ضم بًلاد قرنيقية من جديد إلي الدولة المصرية .
- ثانيآ : لايوجد أدلة واضحة تدل علي النشاط الحربي الذى أظهره الملك بطليموس الثالث في سنين حُكمه الأولى ، ولا يوجد أيضاً أدلة تؤكد أنه كان أعظم ملوك البطالمة .
النشاط العلمي والإجتماعي والديني للملك بطليموس الثالث :
وفي حقيقة الأمر أن نشاط الملك بطليموس الثالث ملك مصر ظهر في ميادين أخرى بصورة بارزة تخص تشجيع العلوم و الأداب والزراعة والدين بوجة خاص .
حيث أضاف الملك بطليموس الثالث إلي مكتبة الإسكندرية الكثير من الكتب لدرجة أنه كان يُنسب ملك خطأ أنه هو المؤسس الحقيقي لها ، وبذلك فهو لا يقل عن والده في تشجيع العلوم . وهناك قصة معروفة بحيلتهُ و أحتيالة في أخذ المخطوطات الأصلية التي تركها الكتاب "ايسكيلوس" و " سوفوكليس " وغيرهم ، وفي الواقع ان هذا الأمر كاف ليُبرهن علي حب بطليموس وشغفه بالوصول إلي تنمية مكتبة الإسكندرية .
الملك بطليموس الثالث والسعي في إصلاح التقويم الهجري :
الملك بطليموس الثالث ملك مصر، كان ذواقآ للعلوم الدقيقة ، فقد أراد أن يؤسس علي نهج الملوك السليوكيين تاريخ يكون قوياً وأسريآ في نفس فقد كان هؤلاء الملوك يؤرخون نقودهم بتاريخ موت الأسكندر . فأراد الملك بطليموس الثالث السيرعلي هذا النهج حتي يكون فيما بعد تاريخآ دوليآ في العالم في العالم الهيلانستيكي.
وأن الفلكيين والرياضيين الأسكندريين هم الذين أقترحوا عليه إصلاح التقويم المصري وإغفال التقويم المقدوني الذي كان يسير علي حسب التوقيت القمري . ولكن التقويم المصري إذا أصلح وتخلص من أسلوبه العادي وهو السنه التي تتكون من 365 يوم ، وبذلك يستطيع أن يحل محل المقدوني .
أحضر الملك بطليموس الثالث واختهُ " الإلهين الخيرين " التماثيل المصرية المقدسة التي قد أستولى عليها الفرس : حيث أنه زحف إلي أرض أسيا وخلص التماثيل التي أغتصبها الفرس واعادها مرة اخرى الي تامرا ( مصر ) ووضعها في مكانها في المعابد التي أتزعت منهُ .
- حافظ الملك بطليموس الثالث علي السلام في البلاد وحارب من أجل ذلك .
- أعلن الملك بطليموس الثالث تنازل الدُولة مصرية عن الضرائب ونصيبها من المحاصيل ، وايضاً قَام بطليموس في الحال بأسترداد القمح من الخارج مما رفع الأزمة عن الشعب واخذوا يحمدوهُ و يشكروهُ
- وهناك قرار أصدره الكهنة المصريين عُرف بأسم قرار كانوب الصادر في مارس عام " 238" قبل .الميلاد وأيضاً أتم مبعد الالهة أيزيس الذي كان قد بدأه والده في جزيرة فيله .
- وايضاً البيلون المشهور الذي أنشأه بطليموس الثانى في الكرنك ، وكذلك بنى معبد صغيراً في إسنا
- ولكن أعظم بناء لهذا الملك بطليموس الثالث ملك مصر هو مَعبد إدفو الذي يعتبر أكمل المعابد التي بَقيت في مصر القديمة
- وايضا عثر ملك بطليموس الثالث على بعض المناظر فى معبد كوم أمبو نحت بارز للملك بطليموس الثالث
- الملك و المَلكة حَمياً رعاياهما بسن القوانين حيث أنهما عدلاً بين أهالي مصر ( تامرا = أهالي الدميرة ) وكل أهل الأرضي الذين كانوا رعايا لجلالتهما .
- الملك و المَلكة يكافأن علي كل هذه الأعمال الخيرة من الألهه ولذلك جعت وظيفتهما ثابته بوصفهما حاكمين للوجة القبلي و الوجه البحري وكافئهما بكل الخير حتي نهاية الأبدية .
- قرار بطليموس الثالث بتعيين كهنة للإلهيين المُحسنين وأنشاء طائفة خامسة ، أي ان كل الكهنة الذين في معابد مصر سيسمون بأسم كهنة الإلهين المُحسنين .
الحرب السورية الثالثة و السياسية الخارجية لبطليموس الثالث :
الموقف في سُوريا تطور سريعاً واستمر وكان الوضع خطير في العام الاخير من حياة بطليموس الثاني ، وهذا أدى إلي فشل خطته في زواج أبنته برنيقة من الملك السليوقي " أنتيوخس الثاني" .
حيث أن زوجة الملك السوري التي تُدعى " لاودقية " التي كان قد هجرها بسبب زواجه من أبنة بطليموس الثاني ، أستطاعت كسب أنطيوخس الثاني لها مرة أخرى ، لم يمضى طويلآ حتي مات مقتولآ في ظروف غامضة في إفسوس ، مكان إقامة الزوجه الاولى حيث أنها هي المُدبره لهذة الجريمة ، وعلي أي حال فموت الملك أنتيوخس الثاني ترك الملكتين وجهآ ل وجه تُصارع كُلآ منهما الاخرى في تثبيت أبنها علي العَرش ، أستطاعت لاودقية أن تقتل برنيقة وإبنها.
هذا هو الوضع الذي تولى فيه ثالث ملوك الدُولة البطلمية ، فكان علي بطليموس الوقوف بجانب أخته برنيقة ، فعليه أن يحميها هي وأبنها ما دام علي قيد الحياة ويحاول ان يُمكن ابنه من تولي العرش السوري ، وعندما أستطاعت لاودقية التخلص من برنيقة وأبنها أرد هو أن ينتقم لهما . فكان جدير بهذا الموقف التي تتفق فيه العاطفة و المصلحة معاً ، وكان بطلميوس الثالث لديه الهمه و الروح العسكرية ما يُذكرنا بحده لا بوالده ، فقد خرج في " 246 " قبل الميلاد علي راس الجيش مصري وأحتل بطليموس سورية الشمالية و كيليكيا ثم عبر الفرات واستطاع الوصول إلى مدينة سليوقية علي نهر دجله دون مقاومة تُذكر ، ولكنهُ اضطر إلى العوده إلي مصر فجأة لمواجهة أزمة داخلية في مصر وذلك بسبب حدوث مجاعة نتيجة لتخلف مياه النيل ، او رُبما يبدو قيام ثورة في دلتا مصر .
أنتهز سليوقس الأبن الاكبر الذي تولى العرش في سُوريا ، أنشغال الملك المصري بطليموس الثالث بالأزمة الداخلية في بلاده ، وجمع جيشاً عام 241 قبل الميلاد وتمكن من أن يستخلص من أيدي المصريين معظم ممتلكاته العسكرية في سورية الشمالية و كيليكيا والشرق ، وظل في أيدي المصريين ( سُوريا الجنوبية ، فينيقيا ، فلسطين ) بينما اسيا الصغرى ظل بطليموس الملك المصري في معظم الساحل الجنوبي ، وذلك يرجع إلي أيام الصراع الذي دار بين سليوقس و اخوه الأصغر الذي يُدعى أنتيوخس الثاني هيراكس ، وعُرفت هذه الحرب الأهلية بأسم " حرب الأخوين " .
أستغل بطليموس الثالث مجدهُ الحربي الأول وأستغل توطيد نفوذه في الداخل و الخارج ، فلم يخرج للحرب مرة ثانية طوال حياتهُ .
وفي الوقت نفسه أكتفى بطليموس بأستخدام أساليب دبلوماسية قوية في مقدونيا واليونان . ففي سوريا أستغل الحرب الأهلية في تحريض أحد الطرفين علي الاخر عن طريق امدادهُ بالمال ، وبذلك ظلت الدولة السليوقية منشقة فترة من الزمن .
وفي نفس الوقت تمكن بطليموس من مد نفوذ مصر علي حساب مُمتلكاتها في أسيا الصغرى حتي وصل الي أقليم تراقيا .
- وفي بلاد اليونان كان بطليموس يُساند المدن اليونانية في ثوراتها وحروبها ضد السيطرة المقدونية .
وبذلك ففي عهد بطليموس الثالث ظلت مصر ممتلكاتها في برقة و سوريا الجنوبية و اسيا الصغرى. وعلي الرغم من كل هذه الأحداث فيمكن القول بأن بطليموس الثالث قد صان الإمبراطورية المَصرية أفضل مما فعل والدهُ بطليموس الثاني .
آثار بطليموس الثالث في بلاد النوبة والواحات :
جاء ذِكر بطليموس الثالث ملك مصر هو و زوجتة برنيكى الثانية في نقوش معبد الدكة الذي أقيم للأله تحوت صاحب " بنوبس " علي الضفة الغربية .
- ذُكر اسم هذا الملك مع بطالمة أخرين مثل بطليموس الأول و الملك بطليموس الرابع العَرش و الملك بطليموس الثالث عشر علي عمد مدخل معبد الدكة .
- المدخل إلي الردهة الداخلية قد وجد أسم بطليموس هو وزوجتة برنيكي علي مدخل هذا الباب من الداخل .
- الواحة الخارجة " معبد هيبيس " معبد آمون قد تم العثور علي قطع من حجر عليها متون بأسم الملك بطليموس الثالث و زوجته.
- معبد القويضه : قد جدد بطليموس الثالث هذا القصر الذي كان يوجد في الواحة الخارجة، ويرجع أقدم بناء فيه لعهد الأسرة الخامسة والعشرون .
- المدخل للردهة الأمامية : يُشاهد علي قائمة الباب الخارجية نحت بارز للملك بطليموس الثالث ويوجد معه متن في أعلي الصورة وعلي سُمك الباب يُرى بطليموس أمام ثالوث طيبة قاعداً .
- وادي حمامات بئر الفواخير " معبد الأله مين " يعتبر هذا المحجر من أهم المحاجر الذي أقام الملك بطليموس لقطع الأحجار لبناء معابدهُ الدينية.
وقد أقَام بالمكان الذي يُطلق عليه " بئر الفواخير " معبداً للإله مين .
عملة الملك بطليموس الثالث |
الأثار التي خلفها بطليموس الثالث في الوجة البحري :
كان نشاط بطليموس عظيم في هذه الجِهه من عمره أقَام الملك فى كانوب : نُقش أسم بطليموس باليونانية πτολεμαῖος علي لوحة
ذهبية ( وهو في أساس معبد اوزير ) وهو محفوظ الأن بالمتحف البريطاني .
- بانوب : هي قاعدة تمثال من الجِرانيت قد باعها أهالي المنصورة للمتحف المصري وقد نُقش عليها من الجانبين القاب للملك بطليموس الثالث .
- بطن أهريت : هي بلدة أقام بها بطليموس الثالث تضم معبداً من الحجر و يُسمى بنفيروس كما إضافة كان يُدعى في العهد الأغريقي الروماني لمدة وقد عمل بطليموس الثالث علي إعادة بناء البوابة لهذا المعبد وأضاف مائدة القربان في فناء متحف الأسكندرية الحالي
- منف عُثِرَ في أنقاض ( سرابيوم ) منف علي لوحة تذكارية قديمة مكتوبة بالديموطيقية و مؤرخة بالسنه 18 في عهد بطليموس الثالث فيلادلفوس ، بنى بطليموس و أرسنوي الإلهيين الأخوين .
- صك عملة ذهبية تذكارية للملك بطليموس الثالث صكت العملة باسم بطليموس الثالث وهى تظهر وجه الأله زيوس وآمون والنسر البطلمى فى الوجه الآخر
أثار بطليموس الثالث المكتشفة في سيربني ( برقه ) تم العثور على العديد من اكتشاف أثار من المُرجح أنها من عهد بطليموس الثالث ومنها :
- - لوحة للسيدة " أزودورا " وقد مُثلت عليها وهي ترضع طفلاً صغيراً علي حجرها .
- - أناء من الأواني الخاصة بحفظ بقايا الجسم بعد الحرق من سيرنيكا مكتوب عليه أسم صاحبهُ بطليموس الثَالث .
- - وأيضاً عُثر علي نقوش نَحت بَارز عليها أسم برنيكي الثالثة أبنة بطليموس الثالث .
اهم المصادر والمراجع :
1- سليم حسن ، موسوعة مصر القديمة من اخر عهد بطليموس الثاني الي آخر عهد بطليموس الرابع ، الجزء 15 ، ص 127
2- عز سعد محمد سلطان ، مصر في العصر البطلمي ، ص 21