الملك أخناتون " أمنحتب الرابع " بحث كامل
الملك أمنحتب الرابع " أخناتون " |
حياته :
الأبن الوحيد لامنحتب الثالث والملكة تي وكان يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً عندما توفي أبوه عام 1372 ق.م تعددت الآراء حول ما إذا كان قد شارك والده في الحكم في الفترة الأخيرة أو لا أو هل تولي العرش بعد أبيه مباشرة أو أنه قد تنازل عنه لأبنه وهو والد أشهر ملوك الدولة الحديثة الملك توت عنخ آمون من زوجته الثانوية كيا .
وعلى أية حال فقد تولى أمنحتب الرابع العرش ، وكما فعل أبوه، نجد أنه قد تزوج وعمره أثنا عاماً وعلي الرغم من وجود فتيات كثيرات ممن يحملن لقب الأخت ، إلا أنه لم يتبع العادة القديمة التى ترغم الملك علي الزواج بالتي تحمل لقب الأخت الكبرى . الوريثة الشرعية للملك ، بل اختار زوجة لم تكن تمت باية صلة للعائلة الملكية وكانت تسمى نفرتيتي ويبدو أنها كنت إبنة أحد كبار النبلاء المصريين وكان يدعى " آى " والذى سوف يحمل فيما بعد أسم " آى ، حما الملك " أما عن أنها فقد توفيت ، وكنت الزوجة الثانية " لآى " وكان يطلق عليها لقب " المرضعة الكبري " أو الأم المرضعة للملكة " .
ويبدو أن نفرتيتى كانت هى أيضاً قد تزوجت وهى صغيرة السن ، حوالى ثلاثة عشر عاماً وعندما بلغت ستة أو سبعة عشر عاماً رزقت بطفلها الأول وكانت أنثى ، وسوف نرى الملك الشاب يتخذ فيما بعد زوجات أخريات ، من بينهما أميرة ميتانية تسمى " تادوهيبا " أبنة أخت جالوهيبا الأولى التى تزوجت من أمنحتب وفى الواقع أن أمنحتب الرابع أصبح مشهوراً فى التاريخ العالمى تحت أسماء عديدة : الملك الذى غير الديانة " أو الملك الذى فصل الديانة فتحت حكمه أصبحت الديانة هى المفضلة عن كل شئ من أمور الدولة ، ولا يجب أن تعتقد بأنه كام على الديانة أن تنتظر عصر أمنحتب الرابع لكى تلعب دورا فى الحياة السياسية فى مصر ، فالإصلاحات الدينية بدأت تأخذ دورها إلى حد ما نتيجة أفكار ظهرت ، أو كانت معروفة تحت حكم أمنحتب الثالث.
ديانة آتون :
الملك أمنحتب الرابع وزوجته الملكة نفرتيتى وبناته يتعبدون إلى آتون |
يمكن القول بأنه منذ صغره ، تربى أمنحتب الرابع فى أحضان عقيدة آتون وعندما أرتقى العرش ، منح اللقب الشرفى ومسؤولية الكاهن الأكبر لمعبود الشمس ومنذ بداية الأسرة الثامنة عشرة كان كهنة آمون يلعبون دوراً هاماً فى وساد القلق بين صفوفهم عندما أعلن الملك تشييده لمعبد " المعبود آتون " فى داخل نطاق السور المحيط بمعبد الكرنك ، فى شرق معبد آمون معبد رع ولم يكد ينتهى من هذا المعبد ، حتى بدأت العاصفة تهب ولا نعرف ما الذى حدث على وجه التحديد ، ولكن فى بداية السنة الرابعة من الحكم أى فى عام 1368 ق.م عندما بلغ الملك سن السابعة عشرة . قرر فجأة أن يترك طيبة ويبنى عاصمة جديدة حيث لا تصبح فيها عقيدة آتون عرضة للإضرابات ، وشيد بها معبدين لمعبوده آتون ، وفى الوقت نفسه غير أسمه من أمنحتب إلى أخناتون ، آخ - أن - آتون أى " المفيد لآتون أو الملائم لآتون أو الصورة المشعة لآتون " وذلك لكى يبين أنه قطع كل الصلات التى تربطه بمعبود طيبة الكبير .
وبعد أن غير أسمه إلى أخناتون عمل على محو أسم " آمون " من كل النصوص والآثار وخاصة السجلات الملكية التى تحمل أسماء الملوك السابقين وتتضمن أسماءهم أسم آمون : أمنحتب الأول ، وأمنحتب الثاني ، والثالث منذ البداية حتى السنة الخامسة من الحكم ، كان أمنحتب يستخدم أسم آمون فى إسمه كما شوهد ذلك على لوحة من الحجر الرملى فى جبال السلسلة . وكان من المباح أيضاً ذكر أسماء المعبودات القديمة والتى يعترف لها بالوجود ، ولم يغلق المعابد القديمة فى الأقاليم الأخرى فى مصر ، ومن الغريب أنه ليس هناك ما يشير إلى حرب أهلية وقعت بينه وبين كهنة آمون لأنه كان يميل إلى السلم فلم يثر حرباً أو يشهر سلاحاً .
ومن المحتمل أيضاً أن " ثورة " أخناتون الدينية كان سببها سياسياً . ولا يقصد من وراء ذلك القول أن أخناتون لم يكن مخلصاً فى أتجاهه الدينى ، بل من المؤكد أنه كان راهباً متعبداً ولكن لا توجد وثائق كافية ومؤكدة فى هذا الصدد ، وكان من الواضح أن تخطيطه فى بداية الأمر كان يهدف إلى إثارة جماعة كهنة آمون ، ثم بعد ذلك عن طريق حركة ثورية حقيقية عمل إلى القضاء على ديانة المعبود آمون وذلك بلغق معابده ، وتفريق كهنته ، ولم يكتف بهذه التصرفات الأولية ولكن هجر طيبة وأستقر هو وحكومته وأعوانه فى تل العمارنة فى مصر الوسطى ، وهى تقع عل الشاطئ الشرقي للنيل بين المنيا وأسيوط ، على بعد بضعة كيلومترات من محاجر حانتوب للمرمر . سميت على أسم قبيلة بنى عمران الذين أستقروا فيها منذ قرنين تقريباً . وقد أطلق على المدينة الجديدة أسم " آخت آتون " وتهدمت المدينة بوفاة أخناتون.
فى الواقع أن كلمة آتون أستخدمت بكثرة في عهد أمنحتب الثالث، فمثلا أطلق أسم أخناتون على القارب المقدس الذي كانت تستقل والملكة "تي" في البحيرة الملحقة بالقصر إذ سمي " آتون يلمع ".
ومن الغريب أن المعبودات الأخرى التى كانت موجودة إلي جانب المعبود آمون ، وكان لها تملثيل ومقاصير لم تتعرض لنفس الاضطهاد ، أو أن المصريين أنفسهم نبذوا التقرب إلى هذه المعبودات . ولكن كان المعبود الرئيسي هو آتون ، الذى يمثل فى قرص الشمس نفسه ، أي الدائرة المضيئة ، وهو يختلف عن رع الذي يعيش في داخل قرص الشمس .
وكان آتون يسمي أيضا بالقوة النشطة أو النشاط الذي في الشمس نفسها وفي ضوئها الحار الدافئ ، أي القوة التى يعيش منها رع نفسه ، وتقرب هذه العقيدة بين الأفكار الدينية المصرية والأفكار الدينية السائدة فى سوريا حيث كان يعبد الشمس فى معظم المناطق تحت أسم " أوهون أو آدنون" بعني " السيد " .
والديانة الجديدة ليست في حاجة إلى تماثيل على الإطلاق للتقرب إلي المعبود وتؤدي الطقوس في الهواء الطلق وهي موجهة إلي ذلك المعبود مباشرة الذي يشرق في الأفق ويرتفع في السماء . فعقيدة آتون كانت أكثر تطورا من المعتقدات الأخرى السائدة في الفترة نفسها ، فقد أعترف أخناتون في البداية بالمعتقدات الأخری ، وربما أراد في قرارة نفسه أن يتخلى كلية عن المعتقدات والخرافات ومن النادر أن نجد من بين هؤلاء الذين عاصروا الجيل القديم من يستطيع أن يقاسمه
طبيعة الإله أتون بعين أخناتون :
عمق وصفاء تفكيره ، وكان الملك الشاب يعلم أن آتون لا يمكن لمسه ولا يمكن رؤيته ولكنه موجود في كل مكان ، فهو أب وأم لكل البشر في وقت واحد ، وهو يمكن ان يظهر عن طريق الضوء الشمس الذي يتغلغل في كل مكان ، وعلى الرغم من هذا فليس آتون هو هذا الكوكب ، وكما لايمكن تحديده فإنه يمكن أن يكون "القوى الخفية التي خلف الشمس" والتي هي مصدر هذا النشاط الحيوي الذي يصل إلينا على الأرض بفضل حرارة أشعهة الشمس التي تبعث الحياة وتقوى كل شيء وتنميه. ولم يكن لا آتوت هيئة آدمية ولا يمكن أن تنحت له التماثيل أو يصور على هيئة - فهو معنى روحي - تكمن فيه العدالة والخير ، والحب والسعادة المطلقة ، و كل ما هو سعيد على الأرض جزء من طبيعة آتون . فالحب ، والأستقرار ، المتعة وفاكهة الأرض وخيرتها والأزهار وجمال الطبيعة وشقشقة الطيور فما كل هذا الأصدى لطبيعة آتون. وقد رأي بعض العلماء أنه كان هناك تأثير آسيوي في هذه الديانة على حين يرى البعض الآخر أن الملك قد أعتنقها عامداً لكي يستطيع أن يحدد من خلالها بين أطراف مناطق النفوذ المصرية في آسيا في هدف ديني واحد . وأن عبادة الشمس تتناسب بسهولة مع الاتجاهات الدينية السائدة في أنحاء مناطق النفوذ المصرية وكانت ذات أهداف بعيدة ويمكن أن نلخص مبادئ وأتجاهات أخناتون في النقاط الآتية:
- إن اخناتون كان مخلصاً فى دعوته الدينية ، ويتضح من كل هذا المجهود أن الديانة التى أراد نشرها فى مصر تبين الرغبة والميل إلى التوحيد ، وشيئا فشيئاً نجد أن أخناتون فرض على الذين اتبعوه في مدينة " أفق آتون " عبادة واحدو مطلقة ، وهو كان يهدف بذلك إلي القضاء نهائياً علي تعدد المعبودات في جميع الأقاليم المصرية .
- نجد أن الملك لم يبد أى أهتمام في الواقع بالسياسة الخارجية من الناحية العسكرية ، بل على العكس أنشغل كثيراً بأمور الديانة في الداخل علي حساب تدهور الوضع الخارج كما سوف نري فيما بعد.
فقد أعتقد بحسن نية أنه يستطيع أن يحافظ علي سلطاته في كل سوريا العليا وذلك عن طريق الإتجاه نحو عقيدة واحدة ، هى عقيدة آتون ، الظاهر للجميع ، فالأشعة المتفرقة التي تخرج من قرص الشمس ما هى إلا أيدي مقدسة تحمل الحياة إلى الكون بأسره ، وكان الملك يعتقد أنه قادر بدون شك على توحيد هذه الشعوب لكى يسود السلام فيما بينهما بدلا من الحروب.
أن عقيدة آتون أو قرص الشمس لم تكن من اقتراحه الشخصى ، وكانت نواة هذه العقيدة موجودة من قبل عند بعض الملوك السابقين وأيضاً أسم آتون الذي يتمثل في قرص الشمس قد ظهر من قبل في نصوص الأهرام من الدولة القديمة.
يبدو أن بعض الكهنة المصريين قد لعبوا دوراً هاماً فى ثورة أخناتون الدينية . أنه من الواضح ايضاً أن هذه الثورة لم تكن طويلة الأمد بل على العكس كانت قصيرة جداً وربما أيضاً ان عقيدة آتون قد أهملت أثناء حياة الملك أخناتون نفسه ، ويبدو أن زوجته " نفرتيتى " قد لعبت دوراً هاماً في الثورة التي تزعمها زوجها وأن كانت قد بدت غير متحمسة في أول الأمر لإعلان العقيدة الجديدة ، إلا أنها ظلت على العهد مخلصة وموالية لهذه العقيدة أكثر من زوجها نفسه.
أن العقيدة قد أنهارت بعد وفاة لأنه كان يعتبر نفسه حلقة وصل بين المعبود والشعب ، ومنهم من لم يؤمن أيماناً صادقاً بهذه العقيدة . وبعد وفاته مباشرة نجد أن كهنة آمون قد أستعادوا كل نفوذهم السابق. وفقد خلفاء أخناتون كل هيبتهم في عدا واحد فقط هو "حور محب" الذي أخذ كهنة آمون ينظرون إلى ولايته بعين الحذر.
كانت أسرة أخناتون تتكون قبل الرحيل إلى تل العمارنة من الملك والملكة نفرتيتي والأميرة مرت آتون وبعد ذلك أنجبت الملكة بنتين آخرين هما " ماكت آتون " و " عنخ أس أن با آتون " .
وفيما بعد - أعلن كهنة آمون ، أنهم طردوه من طيبة هو وبلاطه الملكى ومعاونيه وكانوا حوالي 80,000 شخص يبدو أن هذا العدد كان حقيقياً بوجه عام فقد نشأت المتاعب بينه وبين كهنة آمون ولم يستطيع أن يتحمل البقاء في مكان كان محاطاً فيه بمعابد آمون وفي أي مكان يذهب إليه فأنه كان يقابل صورة هذا المعبود في النقوش والمناظر وأيضاً تماثيله في كل مكان. وأطلق عليه أعداؤه هو وأعوانه صفة "الملحدين" وأرسلوا إلى المحاجر كمذنبين.
مدينة تل العمارنة :
وفي الحقيقة أن أخناتون قد أختار أفق آتون " تل العمارنة " كما قال هو بنفسه ، لأن مساحة الأرض المسطحة الواسعة النظيفة التي تمتد بجانب نهر النيل في هذه المنطقة " لا تخص اي معبودا أو أية معبودة " أنها أرض عذراء لم تطأها أى ديانة. وكل المظاهر تؤكد أنه أبتداء من العام الرابع لحكمه أصبح هو الرأس المُدبر لهذه الحركات الدينية. ولم يمنعه ضعف صحته من أن يتابع رسالته ودعوته التي آمن بها. ويعتقد أن أخناتون هو الذي وضع بنفسه مخطط المدينة الجديدة وحدد أماكن معابدها وقصورها وشوارعها.
وبعد مرور ما يقرب من سنتين أو ثلاثة من أختياره لهذا المكان نجد أن مدينة " آخت آتون " بدأت تظهر بسرعة فوق سطح الأرض وأصبح القصر معداً لاستقباله أبتداء من السنة السادسة لحكمه ، وكان هذا القصر مزيناً بطريقة أفضل من قصر آبائه في طيبة فقد كان يحتوى على رسومات في أرضيته وجدرانه وسقفه وكانت تعلوه الرسومات التي تمثل الأزهار والطيور والأسماك وتحيط به الحدائق والبحيرات الواسعة. أما عن منازل الأشراف والنبلاء الذين أتبعوه فقد كانت هي أيضاً جميلة و رحبة ، ولكل منها حديقة محاطة بجدران ويوجد فيها الأزهار الأجنبية والأشجار المزروعة.
وقد شيد أخناتون معبداً فخماً للمعبود آتون على نفس النموذج القديم لمعابد معبود الشمس " رع " في أيونو - وشيدت معابد أخرى أقل حجماً منها معبد مخصص لأجداد الملك.
وكان يشق المدينة شوارع متسعة ، وفى كثير من الميادين أقيمت المباني الصغيرة ، والأبنية ذات الأعمدة والبحيرات الصناعية المحاطة بجزر صغيرة ، وقد غطت الرمال المتراكمة بسبب الرياح بقايا هذه البحيرات والحدائق . وأظهرت الحفائر وجود بقايا جذوع الأشجار وهذه النباتات ، و يقص علينا أحد سكان هذه المدينة أنها كانت " كبيرة ولها سحرها ، تبهر العين بجمالها و تشبه الحلم " .
وعلى الرغم من الحفائر الحديثة التي بدأت في عام 1891 حتى عام 1937 والتي لم تظهر إلا أساسات المباني الرئيسية ، إلا أنه يمكننا أن نقدر أن هذه المباني كلها قد شُيدت بذوق رفيع ، ويحميها من الشرق الوديان الصحراوية ، و أقيمت فيها ثلاث قصور وفي سفح الجبل نُحتت مقابر الأشراف وكبار الموظفين ، وإلى الشرق حفرت مقبرة كبيرة للملك وعائلته وقد دفنت فيها أبنته " ماكت آتون " التي توفيت أثناء حياته. ونرى على جدران تلك المقابر تمثيلاً للعديد من المنازل والقصور ، تلقى النقوش ضوءً حياً على الوجود في هذا المكان المُحبب وزين الملك عاصمته بلوحات ورسومات نرى فيها قرص الشمس التي تخرج من أشعتها حيث تنتهي بأيد تقبض على علامات الحياة والاستقرار والقوة ، وكان يوجد إلى الشرق من المدينة مبنى لحفظ المراسلات الخارجية وكان هذا المبنى يحتوي على ودائع اللوحات الصغيرة من الطين المجفف والتي كتب عليها بالكتابة المسمارية " الأكادية " التي كانت تعتبر من لغة المراسلات الدولية. و قام بكتابة هذه اللوحات كتبة كنعانيون أو مصريون يعرفون تلك اللغة. ويبلغ مجموع ما عرف من هذه الرسائل حتى الآن 337 رسالة. وهي تلقي الضوء على العلاقات الدبلوماسية بين مصر ودول آسيا في ذلك العصر. وهي عبارة عن المراسلات المتبادلة بين أمنحتب الثالث و أمنحتب الرابع وأمراء سوريا العليا وفلسطين وبابل وغيرهم من الموالين لمصر. وتبين هذه الرسائل أن المدن المعادية لمصر كانت سامرة وصيدا ، أما صور وبيبلوس فقد التزمت بطاعة الملك المصري.
وعثرت أحدى الفلاحات عام 1887 وهي تقوم بجمع السماد من الخرائب القريبة والأماكن الأثرية في تل العمارنة ، على عدد كثير من هذه الرسائل. ونرى حتى اليوم بقايا مقابر الأشراف والمقبرى الملكية والقصور والمعابد ومنازل الموظفين. وقد كشف عن حي خاص بالفنانين عثر فيه على مجموعة من التماثيل قام بنحتها الفنان " تحوتمس ".
لوحات الحدود :
وقام الملك في نطاق المدينة أربعة عشرة لوحة إلى الشرق من النيل وتقع ثلاث منها إلى الجانب الغربي من شاطئ النيل في الأماكن التي اختارها في أطراف السهل. و تقص علينا النقوش أنه في العام السادس جاء الملك على عرباته المطلية برقائق الذهب لكي يثبت حدود مدينة آخت آتون وهنا أقسم يميناً بوالده آتون أنه لن يترك هذه الحدود على الإطلاق ، وسوف يبقى مقيماً في هذه المدينة المقدسة بقية حياته.
أناشيد أخناتون :
تذكر النقوش أن أخناتون هو الذي علم شعبه جمال الإيمان بعقيدة آتون الجديدة ، وأكد النبلاء بصفة دائمة أنهم فهموا تعاليم العقيدة الجديدة وحفظوا في قلوبهم كل ما قاله ملكهم. ولكن يجب أن نشك قليلاً في مثل هذه الأقاويل. ونقشت مقابر تل العمارنة بالنصوص التي لم نرى مثيلاً لها من قبل ، فقد أمتازت بها بالشاعرية الرقيقة ونمقت تنميقاً جميلاً وهو عبارة عن مديح لآتون. منها تلك الأنشودة التي يرددها الملك بنفسه، وهي منقوشة في مقبرة منسوبة إلى " آى " وهي شبيها بالمزمور رقم 104.
وكان أخناتون يعتقد أنها أن آتون هو " الأب والأم لكل الخليقة " للأجانب وأيضاً بالنسبة للمصريين ، و يريد بذلك أن يخطو أكثر تقدماً لأهمية التفكير الديني أكثر مما كان يتوقع في بداية الأمر. وربما حاول أن يظهر كذلك قلة نافع المعبودات القديمة ، وأراد أن يجعل من آتون مجموعة من المعاني فهو يمثل- أول اتصال بين الأنسان و فكرة الروح الطيبة - التي ينتشر حبها بين الجميع ، دون اعتبار لجنس أو لون ، فهو " سيد الحب " وهو " التوحيد الذي يضفى الجمال على الشكل " وهو " سيد الأقدار " ، " صاحب التدبير " ، " مسبب الأحداث وهو الذي يخلق الحياة " ولا يوجد فقر أو "عاوز " بالنسبة لمن يضع آتون في قلبه لأن رجلاً مثل هذا لن يعان من الألم ، أو يقول آه ، ليس عندي.
ويقال أخناتون أيضاً مجسداً كل هذه المعاني " يا آتون ، أنت الوحيد ، ولكن فيك قوة حياة بلا نهاية ، التي بفضلها تبعث الحياة في كل المخلوقات " ، وعندما تجلب الحياه بكمالك إلى قلوب الناس فالحياة تولد في الواقع " .
لم تكن رغبة أخناتون أن يصبح راهباً منعزلاً ، وعلى العكس كان يميل إلى الظهور أمام الشعب كإنسان بسيط المسلك على الرغم من أنه أعتبر نفسه " الابن المحبوب جداً من آتون ". وكان يفضل أن يصوره الفنانون كزوج وكأب متفان ، وكان يرغب في الواقع أن يعطي المثل الأسمى لوجود عائلي أساسه والحب والسعادة.
وقد شوهد في مقبرة الوزير رعموزا مع زوجته ، وقد ظهرا يطلان من شرفة تعلوها أشعة آتون ، وهما يقومان بتوزيع القلادات الذهبية على كبار الموظفين ، ونرى على أحدى اللوحات الملك يقبل أبنته الطفلة ، على حين تدلل الملكة طفلتها الثانية على ركبتيها ، وفي منظر آخر يتناول شريحة من اللحم ، وتتناول زوجته طائراً يطهي على النار. وهذا يناقض صورة الملك التي عهدناها في العصور السابقة ، بل صور لنا الفنان حزن الملك على وفاة أخدى بناته " ماكت آتون " أدق تصوير. وصور الأحتفالات بدفنها في تل العمارنة.
وهكذا كان أخناتون يمثل دائما بملامح الأب السعيد الحنون ، مداعباً بناته الصغار ويأخذهن على ركبتيه أو يحتضنهن ، وكزوج مخلص كان يحيط زوجته بالحب والحنان و يطلق عليها " سيدة قلبي " وكصاحب دعوة للعدالة والحق ، فقد شجع الفنانون على تمثيليه هو وأفراد عائلته بواقعية مبالغ فيها بعض الشيء. فمثلاً كانت الملكة نفرتيتي تعاني من أنفصال شبكى فى العين ، و نرى بوضوح هذا المرض في رأس تمثالها الشهير في متحف برلين .
وعثر علي صورة زوجته ممثلة على معظم لوحات ومعابد طول تل العمارنة ، أهمها رأسان عثر عليهما هناك عام 1914 ، أحدهما من الكوارتز الوردي بها لمسات بالمدد الاسود وهي معروضه الآن في المتحف المصري. والآخرة هي من الحجر الجيري و متعددة الألوان وهي موجودة الآن بمتحف برلين. وفي كثير من صوره نجد أن الملك قد نال نصيبه من الاهتمام أيضاً ، فقد ظهر في بعض الأحيان بكل عيوبه الجسمانية في بعض الصور التي أنتجها الفنانون الأجانب الذين كانوا في خدمته.
الإتجاه الواقعى فى الفن :
يد من الحجر الرملى للملك أخناتون من متحف المتروبوليتان للفنون، نيويورك |
في عصره أنتشر الاتجاه الواقعي ضد القواعد الفنية التي كانت موضوعة من قبل لتصوير الملك أو أحد أفراد عائلته. وقد أنتشر تأثير هذه المدرسة الفنية بسرعة حتى أن العين المجردة يمكنها التعرف فى الحال على الخصائص الفنية لهذا العصر. وفي تل العمارنة نرى ميلاً شديداً إلى تصوير الطبيعة و رسم الطيور والنباتات ، وصور كبار رجال الدولة ، فنجد صورة الوزير الذي يعدو بجوار عربة الملك ، ثم تصوير الملك وبناته على عربته التي تجري بسرعة شديدة وحماس عجيب.
وفي السنة الثانية عشرة من الحكم جاءت والدته الملكة " تى " التي كانت تعيش في طيبة ، لزياره مدينة الأفق ، ويبدو أن أخناتون عد هذا التاريخ في الواقع عيده الثلاثينى ( عيد الحب سد - وكان العيد الثلاثيني للملك كان يحتفل به بعد ثلاثين عاما من حكمه وإعلانه وريثاً للعرش ). ولكن أخناتون ترك كل العادات الدينية القديمة ، وحدد هذه السنة كتاريخ لعيده الثلاثينى ، وذلك لأسباب لا نعرفها حتي الآن على الرغم من أنه كان يحكم منذ أثنا عشر عاماً وكان يبلغ من العمر أربعة وعشرين عاماً.
وقد لاحظ أن أخناتون أحتفل ثلاث مرات بعيده الثلاثيني ، في السنة السادسة في طيبة وليس في تل العمارنة ، وفي السنة الثانية عشرة والسنة الخامسة عشرة. وقد أقيمت الأعياد الكبرى تكريماً لزياره الملكة " تي " ، وقد شُيد لها خصيصاً معبداً لكي يمكنها من أداء الطقوس لآتون ، ولكن بعد وقت قصير من عودتها إلى طيبة توفيت ودفنت في مقبرة صغيرة في (وادي الملوك) على بعد بضعة أمتار من المكان الذي دفن فيه أبوها وأمها.
وبعد ذلك حدث فيما يبدو محاولة للثورة أيدها كهنة آمون في طيبة ونتيجة لذلك أمر أخناتون بمحو اسم آمون من كل النقوش التي يظهر فيها ، وقد نفذ هذا الأمر بدقة باللغة ونرى اليوم نقوش الجدران القديمة وعليها آثار الكشظ بالازميل في الأماكن الذي يوجد فيها هذا الأسم. وقد فتحت مقبرة الملكة " تى " مرة أخرى لكي يمحى من اسم زوجها أمنحتب الثالث كل إشارة إلى المعبود آمون ، و قبيل نهاية حكمه ، أمر بأن تمحى أيضاً أسماء المعبودات الأخرى لكن هذا الأمر لم ينفذ في كل الأماكن.
واعتناق رجال البلاط القدماء لأمنحتب الثالث أمثال الوزير رعموزا هذه الديانة الجديدة وتركوا طيبة والمقابر التي أعدوها لكي يهاجروا إلى العاصمة الجديدة. وبين السنه الثالثة والخامسة عشرة من الحكم ، أنجبت له الملكة نفرتيتي سبع بنات توفت أحدهن ، وأرسلت الأخری إلى بيبلوس لك تصبح زوجة لملك هذا القطر البعيد .
الحملات الحربية :
لم يهتم أخناتون بالجيش الاهتمام اللازم ويمكن القول بأن حالته الصحية هي التي حالت دون خروجه فى حملات حربية ، وكان هناك نوع من النشاط الحربي نراه ممثلاً على جدران المقابر في تل العمارنة ، فنرى مواكب الجنود وهناك جنود للحراسة أمام القصور والمعابد و ابراج المراقبة التي تحيط بالمدينة وقيام بعد الفراق والقوات ببعض التدريبات أمام الملك ، وكذلك مناظر أسرى الحروب من الآسيويين والنوبيين الذين يقدمون الجزية أمام الملك وربما في هذا تقليد لأصل قديم ، وقد صور منظر يمثل الأعداء في مقبرتى " معحو - وميري رع " في تل العمارنة وعثر في الكرنك على لوحة نقلت من تل العمارنة عليها مناظر الجنود مراكب حربية ، وكشفت الحفائر التي قام بها المعهد الفرنسي عام 1932 في منطقه مدامود عن سته كتل حجرية تحمل نقوشاً من عصر العمارنة تمثل مناظر حربية تبين المشأة والمركبات.
وفي هذه الأثناء كانت الأوضاع في آسيا في حالة يرثى لها، فقد أستغل الحيثيون الأضطرابات التي سببتها ثورة أخناتون الدينية في الداخل ، لكي يقودوا التحالف ضد مصر ، ونجحوا في ذلك، فملك قادش استعاد سهل سوريا الشمالية. وأستولى ملك آمور إحدى المتحالفين مع الحيثين على الموانئ الفينيقية التي كان أحتلها المصريون أو كانت تحت نفوذهم ، وعلى الرغم من كل هذا لم يتحرك أخناتون ، ويفضل مجموعة الخطابات التي ذكرت من قبل ، وهي تحمل اليوم الأسم الشهير " خطابات تل العمارنة " أمكن التعرف على حقيقة الوضع والأضطرابات التي سادت مناطق النفوذ المصري في غرب آسيا في عهد أخناتون. و يمكننا أن نفهم اليوم أن سياساته السلمية ربما معارضته من ناحية المبدأ والضمير لفكرة الحرب جعله يفقد مناطق النفوذ التي أسسها أجداده وكان يأمل أن يجمع بين السكان في تلك المناطق التي سيطر عليها ، في عقيدة موحدة، ولكنه فشل في ذلك وفقد هذه المناطق والدليل على ذلك نراه في تلك الخطابات ويبدو أن أرشيف عاصمة الحيثيين يكمل أرشيف تل العمارنة كان عدو مصر " أيتاجاما " يحكم قادش على حين كان " سوبيلوليما " يفرض سيطرته على حلب وكذلك على شمال سوريا وتقدم الآموريون بطول الشاطئ وأستولوا على المدن التي كانت موالية للمصريين الواحدة بعد الأخری.
استخدم عازيرو كل ذكائه ودهائه تارة والقوة التحدي والتهديد تارة أخرى لكي يستولى على الشاطئ بين صيدا وأوجاريت ، وفي أقصى الجنوب عمله مبعوثو الحيثين على أقصاء الموالين الأوفياء لمصر. على حين كان " ربعدي " ملك ببيلوس يكافح ويقام في أقصى الحدود وأيضاً مملكة تونيب وملك القدس الذي ناهضوا أعداء مصر. وكتب سكان مدينة تونيب الكبرى إلى الملك أخناتون راجين منه أن يرسل إليهم بمساعدته وكتبوا إليه قائلين : " توينب ، مدينتك ، تبكى وتسيل دموعها، لأنها لا منفذ لها ، ولعدة سنوات أرسلنا الرسل إلى سيدنا ملك مصر ولمن نتلقى منه إية إجابة ولا حتى كلمة واحدة. وأرسل ربعدى ملك بيبلوس ، خطاباً وراء الآخر طالباً قوات مساعد لكن لم تأتيه النجدة. وكتب خيبا الذى كان يحكم في القدس يقول: " لعل الملك يرعى البلاد ويرسل القوات ، لأنه إذا لم تأت القوات هذا العام ، فإن كل أراضى الملك سيدي، سوف تضيع " ويضيف في نفس الخطاب ملحوظة موجهة إلى سكرتير أخناتون قائلاً : " أشرح هذا إلى الملك بوضوح : البلاد كلها عرضة للفناء " .
وفي أثناء ذلك الوقت كانت شعوب الخابيرو الصغيرة بدأت تتسلل إلى سوريا من الجنوب ، وأرسل الأمراء الموالين لمصر خطاباتهم العديدة شاكين طالبين حماية الملك ويعلنون أن الغزاة ينتصرون في كل مكان.
على الرغم من كل خطابات النجدة هذه لم يتحرك أخناتون وأكتفى بإيفاد مبعوث لبحث الموقف في فينيقيا ولكن هذا الأخير بطريقة غريبة جداً ، ثبت ملك آمور في الأراضي و مناطق النفوذ التي انتزعها من مصر تلك الأراضي التى سوف تشمل في ما بعد بيبلوس أيضاً. وهذا يعني أن الملك قد أعترف بالأمر الواقع وأكتفى بإعتبار ملك آمور موال له ، يخضع لأوامره. أما في فلسطين فقد قام البدو بدورهم بثورة ، وأستولوا على مجدو ، ثم مناطق القدس القديمة ، وفي حالة من اليائس أرسل المواطنون يطلبون مساندة مصر ، ولم يرسل أخناتون إليهم أية نجدة، وأخيراً سقطت ميتانى حليفة مصر تحت ضربات الحيثين والآشوريين المتوالية ، وأصبح الحيثيون الآن في أوج قوتهم و سوف يحاولون إرغام ملك آمور على توقيع معاهدة تحالف معهم ، وحتى هذا الوقت كان هذا الأخير يفضل ان يبقى مستقلاً في المكان الذي عين هو فيه من قبل تحتمس الثالث.
وكان حاملوا هذه الخطابات يجدون أخناتون مشغولاً بمسئولياته الدينية منادياً شعبه بالعمل على نشر الحب والسلام ، وغير متبصر بما يقوم به مواليه وقواده من صراع للمحافظة على بعض مناطق النفوذ فى سوريا. فالملك لا يريد أن يحارب ، وقتل معاونوه المخلصون بالتدريج ، أو أرسلوا إلى المنفى ولم تؤد الجزية إلى خزانة الملك ، ويبدو أنه غرر بمن حوله ، فقد حاول الملك فى نهاية حياته أن يتقرب من كنهة طيبة ، لكن نفرتيتي رفضت أن تخون الفكر الآتونى وبقيت فى تل العمارنة ، واستقرت فى القصر الشمالي هناك . ولم يكن لاخناتون أولاد ذكور ، فأرسل إلى طيبة زوج ابنته سمنخ كارع لكى يتفاوض مع القوى التقليدية الممثلة فى كهنة آمون ، وتوفى هذا الأخير فى الوقت نفسه الذى توفى فيه حموه. وكان قد تزوج من إبنه أخناتون مريت آتون فى الفترة الأخيرة من حكمه ، ولا نعلم مدى الصلة التى كانت تربط الأمير سمنخ كارع بالعائلة الملكية ، ويبدو أن سمنخ كارع كان قد شاركه العرش فى السنتين الأخيرين من حكمه ، حين أصبحت صحة أخناتون فى تدهور عام .
وفاته ودفنه :
توفى أخناتون فى السنة السابعة عشرة من حكمه وكان يبلغ من العمر تسعة وعشرون أو ثلاثين عاماً ، أى ثلاثة عشر عاماً كاملة بعد إعلانه ثورته الدينية ، وفي نفس الوقت توفي سمنخ كارع أو عزل عن العرش ، ولا نعلم عنه أي شيء بعد ذلك. ولا نعلم أيضاً هل دفن أخناتون في المقبرة التي أعدها لنفسه في الصحراء في شرق مدينة الأفق أولاً. ولكن عثر على تابوت ضخم مغطى برقائق الذهب وعلى الغطاء الخارجي نقرأ النص التالي : " الأمير البهي ، المختار من رع مالك مصر العليا ومصر السفلى ، الذي يعيش في الحقيقة ، سيد القطرين - أخناتون - الأبن المفيد لآتون الحي ، ذو الأسم الخالد إلى الأبد " .
وعلى قاعدة التابوت ، نقشت الدعوات القصيرة إلى آتون ، التي ربما قد كتبها أخناتون نفسه ، وهي مكتوبة بالعبارات الآتية : " أنني أستنشق العبير الذي يخرج من فمك ، أنني أشاهد جمالك كل يوم ، وأملي هو أن أسمع صوتك العذب وكأنه رياح الشمال ، ولعل الحياة تجعل الشباب يدوب في أوصالي يفضل حبك ، أعطيني يديك اللتين تحملان روحك ، لعلي أتلقاها وأعيش بها ، لتظل تنادينى بأسمي إلى الأبد ، ولن أكف أبداً عن إجابتك " .
وقد وضع هذا التابوت في داخل تابوت أخر من الجرانيت الوردي وهو محفوظ الآن بالمتحف المصري. ويعتقد بعض العلماء أن جثة أخناتون قد أعيد دفنها مع أمه الملكة " تى " في البر الغربي في طيبة و ذلك نظراً للعثور على أسم أخناتون على بعض آثار المقبرة. ويمكن القول بأن أعداء أخناتون قد عبثوا بجثته وبأثاثه الجنائزى بعد وفاته.
المصادر:
1- أخناتون ، د عبدالمنعم أبو بكر ص 23 ، دار القلم القاهرة 1961
2 - أخاتون وديانة النور الفصل الرابع ص 73، إريك هورونونج ، ترجمة د. محمود ماهر طه، الهيئة العامة المصرية للكتب 2010 (ISBN:9789774217476)
3 - A
4 - B
Jacquelyn Williamson, AMARNA PERIOD, June 2015, http://digital2.library.ucla.edu/viewItem.do? ark=21198/zz002k2h3t
Hymn to the Aten , The Literature of Ancient Egypt An Anthology of Stories, Instructions, and Poetry New Edition edited, with an introduction by William Kelly Simpson with translations by R. O. Faulkner Edward F. Wente, Jr. William Kelly Simpson New Haven and London, Yale University Press1962
Aldred, C. (1968) Akhenaten, Pharaoh of Egypt. london
Hawass, Z. et al. (2010) “Ancestry and pathology in King Tutankhamun’s family.” Journal of the American Medical Association 303,7:638–47.