كانت المرأة في مصر القديمة تلعب دورًا أساسيًا وحيويًا في المجتمع. تمتعت بمكانة مميزة وحقوق واسعة لم تكن موجودة في العديد من الحضارات الأخرى. كانت المرأة المصرية القديمة تتولى مهام متعددة في الأسرة والمجتمع والعمل والدين والسياسة، مما يعكس مدى تقدم وتطور الحضارة المصرية القديمة. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل دور المرأة في مختلف جوانب الحياة المصرية القديمة، مع التركيز على دورها في الأسرة والمجتمع والعمل والدين، بالإضافة إلى حقوقها القانونية والاجتماعية.
مقبرة مننا TT69 |
دور المرأة في الأسرة
الزوجة والأم
كانت الأسرة حجر الزاوية في المجتمع المصري القديم، ولعبت المرأة دورًا محوريًا في هذا النظام. كانت الزوجة المصرية تُعتبر شريكة حقيقية لزوجها في كافة أمور الحياة اليومية. كانت تشاركه في اتخاذ القرارات وإدارة شؤون المنزل وتربية الأطفال. لم تكن المرأة مجرد ربة منزل بل كانت تُعتبر العمود الفقري للأسرة. كانت النقوش والتماثيل التي تركها المصريون القدماء تظهر الزوجين في مواقف تعكس الحب والاحترام المتبادل، مما يدل على مكانة المرأة وأهميتها في الحياة الزوجية.
فيما يتعلق بتربية الأطفال، كانت المرأة تتحمل مسؤولية كبيرة في تعليمهم القيم والأخلاق الأساسية، بالإضافة إلى المعرفة العلمية المتاحة في ذلك الوقت. كانت الأم المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا لتعليم أطفالها القراءة والكتابة والحساب منذ سن مبكرة. هذا التعليم المبكر كان يساعد الأطفال على أن يصبحوا أفرادًا فاعلين في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، كانت الأم تهتم بالصحة العامة والنظافة في المنزل، مما يضمن بيئة صحية وآمنة للأطفال. كانت الأم تُعتبر النموذج الأولي للتعليم والرعاية في الأسرة، حيث تقدم الدعم العاطفي والنفسي لأفراد الأسرة، مما يسهم في تعزيز الروابط الأسرية.
التربية والتعليم
كان للتربية والتعليم دور حاسم في تشكيل مستقبل الأطفال في مصر القديمة. كانت الأمهات يبدأن بتعليم أطفالهن في المنزل قبل أن ينضموا إلى المدارس المحلية. كانت المرأة تُعلم أطفالها القراءة والكتابة والحساب، بالإضافة إلى المهارات الحياتية الأساسية مثل الزراعة والحرف اليدوية. كان التعليم في المنزل يُعتبر الأساس الذي يُبنى عليه التعليم الرسمي لاحقًا. كانت الأم تُدير وقتها بين تربية الأطفال وإدارة شؤون المنزل، مما يعكس مدى قوة وتأثير المرأة في الحياة اليومية.
دور المرأة في المجتمع
العمل والمهن
كانت المرأة المصرية القديمة تُشارك بفعالية في الحياة العملية ولم تكن مقيدة بدورها كزوجة وأم فقط. شاركت النساء في مختلف المهن والأعمال، بدءًا من الزراعة حتى الأعمال التجارية. شغلت النساء مناصب هامة في المجتمع، مثل الكهنة، المعلمات، الطبيبات، وحتى الحكام في بعض الأحيان. كانت المرأة تتمتع بحقوق قانونية تمكنها من إدارة الممتلكات والأعمال التجارية والدفاع عن حقوقها أمام القضاء. على سبيل المثال، كانت النساء التجارات يديرن أعمالًا ناجحة ويشاركن بفعالية في الحياة الاقتصادية، مما يعزز من مكانتهن في المجتمع ويمنحهن الاستقلال المالي.
المشاركة في الأنشطة الاقتصادية
لعبت المرأة دورًا حيويًا في الأنشطة الاقتصادية لمصر القديمة. كانت تعمل في الأسواق وتدير المتاجر، وتشارك في تجارة السلع المختلفة مثل الأقمشة والعطور والأطعمة. كانت بعض النساء تمتلكن ورشًا حرفية، حيث يعملن في صناعة الحلي والنسيج والفخار. كانت المرأة العاملة تتمتع بحقوق تحميها في مكان العمل، مثل الحق في التعاقد وامتلاك الممتلكات. هذا الدور الاقتصادي الهام للمرأة كان يعزز من مكانتها في المجتمع، ويمنحها الاستقلالية والقدرة على تحقيق أهدافها.
التعليم والثقافة
على الرغم من أن التعليم كان محدودًا في مصر القديمة، إلا أن النساء اللواتي كن ينتمين إلى الطبقات العليا كن يحصلن على تعليم جيد. كانت الفتيات يتعلمن القراءة والكتابة والحساب، بالإضافة إلى الفنون والموسيقى. هذا التعليم كان يمكن النساء من المشاركة الفعالة في الحياة الثقافية والفنية. كانت المرأة المثقفة تتمتع بمكانة مرموقة في المجتمع، وتشارك في النشاطات الثقافية مثل الشعر والأدب والفنون. كانت النساء المثقفات يساهمن في الحفاظ على التراث الثقافي ونقله إلى الأجيال التالية، مما يعزز من دورهن كحافظات للثقافة والمعرفة.
الحياة الاجتماعية والعائلية
كانت المرأة المصرية تشارك بفعالية في الحياة الاجتماعية والعائلية. كانت تُعتبر عنصرًا أساسيًا في تنظيم الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية والدينية. كانت تُشرف على تنظيم الأعياد والمناسبات الخاصة، مثل حفلات الزواج والميلاد، وتقديم الدعم النفسي والعاطفي لأفراد الأسرة والمجتمع. كانت النساء يُشكلن جزءًا من النسيج الاجتماعي للمجتمع المصري، حيث يساهمن في تعزيز الروابط الاجتماعية والتكافل المجتمعي.
دور المرأة في الدين
الكاهنات والطقوس الدينية
لعبت المرأة دورًا كبيرًا في الحياة الدينية في مصر القديمة. كانت الكاهنات يشغلن مناصب دينية هامة في المعابد، حيث كن يقمن بالعديد من الطقوس والشعائر الدينية. كان لبعض النساء نفوذ كبير وسلطة روحية، مثل "الكاهنة العظمى" التي كانت تتمتع بمكانة عالية في المجتمع الديني. كانت الكاهنات يُعتبرن الوسيطات بين الآلهة والبشر، ويُشرفن على تنفيذ الطقوس الدينية التي تُعد جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية للمصريين القدماء.
|
كانت المرأة تشارك في الاحتفالات الدينية والمهرجانات، وتُعتبر جزءًا من الطقوس الرسمية في المعابد. كانت بعض النساء يُشاركن في الطقوس الجنائزية، حيث يُقدمن القرابين ويرتلن الأدعية للأموات. كان للمرأة دور كبير في الطقوس التي تُقام في المناسبات الخاصة مثل الأعياد الدينية والاحتفالات الملكية. هذا الدور الديني الهام كان يعزز من مكانة المرأة في المجتمع، ويمنحها مكانة روحية ونفوذًا كبيرًا.
التأثير الديني والاجتماعي
كان للمرأة دور كبير في التأثير على الحياة الدينية والاجتماعية في مصر القديمة. كانت تُعتبر حامية للقيم الدينية والأخلاقية، وتُسهم في نقل هذه القيم إلى الأجيال التالية. كانت المرأة تشارك في تعليم الأطفال الطقوس الدينية والأدعية والأناشيد المقدسة، مما يعزز من دورها كحافظ للتراث الديني والثقافي. كانت النساء الكاهنات يُشاركن في الحياة الدينية العامة والخاصة، مما يمنحهن مكانة اجتماعية مرموقة ونفوذًا كبيرًا في المجتمع.
النساء الملكات
الملكات الحاكمات
في بعض الأحيان، كانت النساء تصل إلى أعلى مراتب السلطة في مصر القديمة. كانت الملكة حتشبسوت واحدة من أبرز الملكات الحاكمات، حيث تولت الحكم لفترة طويلة وحققت إنجازات كبيرة في مجال البناء والتجارة. كانت حتشبسوت تتمتع بمهارات قيادية وقدرة على إدارة شؤون الدولة بفعالية. قامت بإنشاء العديد من المشاريع الإنشائية الكبيرة، مثل معبد الدير البحري، وساهمت في تعزيز التجارة الخارجية لمصر.
كذلك، كانت الملكة كليوباترا السابعة واحدة من أكثر النساء تأثيرًا في تاريخ مصر القديمة. كانت كليوباترا تتمتع بحنكة سياسية وقدرة على التفاوض مع القوى العظمى في ذلك الوقت. حافظت كليوباترا على استقلال مصر خلال فترة حكمها، وكانت تُعتبر رمزًا للقوة والذكاء والجمال. كانت تتمتع بنفوذ كبير، ولعبت دورًا محوريًا في السياسة الإقليمية والدولية، مما جعلها شخصية تاريخية بارزة.
الملكات غير الحاكمات
حتى الملكات اللواتي لم يتولين الحكم بشكل مباشر كن يلعبن أدوارًا هامة في إدارة شؤون الدولة ودعم أزواجهن في مهامهم. كانت هؤلاء الملكات يتمتعن بنفوذ كبير وسلطة غير مباشرة من خلال تأثيرهن على الملك والحاشية الملكية. كانت الملكة نفرتيتي، زوجة الملك أخناتون، واحدة من هؤلاء الملكات اللواتي كان لهن تأثير كبير على السياسة والدين في مصر. كانت نفرتيتي تُعتبر شريكة في الحكم، وكانت تُشارك في الطقوس الدينية والسياسية، مما عزز من مكانتها وأهميتها في التاريخ المصري القديم.
ومن اشهره تلك الملكات:
- مريت نيت (الأسرة الأولى): مريت نيت كانت واحدة من أوائل الملكات اللواتي حكمن مصر القديمة خلال الأسرة الأولى. تعتبر مريت نيت ملكة بارزة لأنها تُعد أول امرأة تتولى الحكم بشكل مباشر في تاريخ مصر القديم. دورها الهام ينعكس في الألقاب التي حصلت عليها، والتي تشير إلى مكانتها الرفيعة في المجتمع الملكي. بالرغم من عدم توثيق آثار محددة لها، فإن تأثيرها كان كبيراً في تأسيس دور المرأة في السلطة.
- خنتكاوس الأولى (الأسرة الرابعة): خنتكاوس الأولى كانت ملكة مصرية بارزة في الأسرة الرابعة، تُعرف بلقب "أم ملكين" لأنها كانت والدة اثنين من الفراعنة. لها مصطبة كبيرة في الجيزة بجانب أهرامات الجيزة، وهي تعتبر جزءاً من مجمع أهرامات الجيزة الشهير. مصطبتها مميزة بعمارتها الضخمة والنقوش التي تزين جدرانها، والتي تقدم معلومات قيمة عن فترة حكمها وحياتها.
- نيت إقرت (الأسرة السادسة): نيت إقرت، المعروفة أيضاً بالملكة نيتوكريس، هي شخصية أسطورية في التاريخ المصري. تروي الأساطير أنها كانت ملكة حكيمة وقوية، لكن لا توجد آثار مؤكدة توثق فترة حكمها. تظل نيتوكريس رمزاً للأساطير الفرعونية، حيث تروي الحكايات أنها انتقمت لمقتل أخيها من خلال خطة ذكية.
- سبك نفرو (الأسرة الثانية عشرة): سبك نفرو كانت ملكة قوية في الأسرة الثانية عشرة، وهي تُعتبر واحدة من أوائل الملكات التي حكمت مصر بشكل منفرد. تميز حكمها بالاستقرار والرخاء، وعلى الرغم من عدم وجود آثار ضخمة معروفة لها، إلا أن نقوشاً تدل على مكانتها الملكية البارزة موجودة في عدة مواقع.
- حتشبسوت (الأسرة الثامنة عشرة): حتشبسوت تعتبر واحدة من أشهر ملكات مصر القديمة، حكمت خلال الأسرة الثامنة عشرة حوالي من 1473 إلى 1458 قبل الميلاد. من أبرز آثارها معبد الدير البحري في غرب الأقصر، والذي يُعد تحفة معمارية بُنيت في حضن الجبل. أيضاً، المسلتان اللتان أمرت بقطعهما من محجر الجرانيت الوردي في شرق أسوان، وتقفان شامختين في معبد الكرنك، هما من أشهر آثارها. بعثتها إلى بلاد بونت لجلب البخور تُعد واحدة من الإنجازات الهامة في عهدها.
- تاوسرت (الأسرة التاسعة عشرة): تاوسرت كانت آخر ملكات الأسرة التاسعة عشرة، حكمت مصر بعد وفاة زوجها سيتي الثاني. من أشهر آثارها معبدها الجنائزي في وادي الملوك، الذي يُظهر قوتها ومكانتها كملكة حكمت البلاد خلال فترة انتقالية صعبة.
الملكات غير الحاكمات البارزات:
- إعح حتب الأولى: إعح حتب الأولى كانت والدة الملك أحمس الأول ومحرر مصر من الهكسوس. تُعتبر واحدة من أعظم النساء في التاريخ المصري، حيث ساعدت في إدارة شؤون البلاد خلال فترة حروب التحرير. لقبها "أم الملك" يعكس مكانتها الرفيعة وأثرها الكبير في استقرار الأسرة الثامنة عشرة.
- أحمس نفرتاري: أحمس نفرتاري كانت زوجة الملك أحمس الأول، وأحد أعظم الملكات في التاريخ المصري. دورها البارز في دعم زوجها وتثبيت دعائم الأسرة الثامنة عشرة جعلها تحظى بتقدير كبير، وتم تأليهها بعد وفاتها.
- تيي: تيي كانت زوجة الملك أمنحتب الثالث وأم الملك إخناتون. كانت واحدة من أكثر الملكات نفوذاً في تاريخ مصر القديمة. تلعب دوراً مهماً في السياسة والدبلوماسية، وتمتعت بمكانة كبيرة، تُظهرها نقوش تماثيلها ونصبها التذكارية.
- نفرتيتي: نفرتيتي كانت زوجة الملك إخناتون وشريكة في الحكم خلال فترة العمارنة. تُعتبر واحدة من أجمل النساء في التاريخ المصري القديم، ويُعرف عنها التمثال النصفي الموجود في متحف برلين. نفرتيتي لعبت دوراً كبيراً في دعم الثورة الدينية التي قادها زوجها.
- نفرتاري: نفرتاري كانت زوجة الملك رمسيس الثاني، وأشهر آثارها هي مقبرتها الرائعة في وادي الملكات، التي تُعتبر واحدة من أجمل المقابر المزخرفة. النقوش والرسوم على جدران مقبرتها تبرز جمالها ومكانتها الكبيرة في البلاط الملكي.
الحقوق القانونية والاجتماعية
حقوق الملكية
كانت المرأة في مصر القديمة تتمتع بحقوق واسعة فيما يتعلق بملكية الأراضي والممتلكات. كانت تستطيع أن تشتري وتبيع وتدير ممتلكاتها الخاصة بشكل مستقل، كما كانت تستطيع أن ترث ممتلكات من أسرتها. كانت هذه الحقوق القانونية تعطي المرأة قدرًا كبيرًا من الاستقلالية والقدرة على المشاركة الفعالة في الحياة الاقتصادية. كان للمرأة حق الدفاع عن حقوقها أمام القضاء، مما يعكس مدى تقدير المجتمع المصري لحقوق المرأة وقدرتها على إدارة شؤونها المالية والاجتماعية.
المشاركة في الحياة العامة
كانت المرأة المصرية تشارك بفعالية في الحياة العامة، وتتمتع بحقوق اجتماعية وقانونية تضمن لها مكانة مرموقة في المجتمع. كانت تشارك في الاحتفالات العامة والمناسبات الاجتماعية، وتُعتبر جزءًا من النسيج الاجتماعي للمجتمع. كانت النساء يُشاركن في الجمعيات والمنظمات المحلية، حيث يُسهمن في تحسين حياة المجتمع من خلال العمل الخيري والتطوعي.
التعليم والثقافة
كان للتعليم دور حاسم في حياة المرأة المصرية القديمة. كانت الفتيات اللواتي ينتمين إلى الطبقات العليا يتعلمن القراءة والكتابة والحساب، بالإضافة إلى الفنون والموسيقى. هذا التعليم كان يُمكن النساء من المشاركة الفعالة في الحياة الثقافية والفنية. كانت المرأة المثقفة تتمتع بمكانة مرموقة في المجتمع، وتُسهم في الحفاظ على التراث الثقافي ونقله إلى الأجيال التالية. كانت النساء المثقفات يشاركن في النشاطات الثقافية مثل الشعر والأدب والفنون، مما يعزز من دورهن كحافظات للثقافة والمعرفة.
الحياة الدينية والاجتماعية
التأثير الديني والاجتماعي
كان للمرأة دور كبير في التأثير على الحياة الدينية والاجتماعية في مصر القديمة. كانت تُعتبر حامية للقيم الدينية والأخلاقية، وتُسهم في نقل هذه القيم إلى الأجيال التالية. كانت المرأة تشارك في تعليم الأطفال الطقوس الدينية والأدعية والأناشيد المقدسة، مما يعزز من دورها كحافظ للتراث الديني والثقافي. كانت النساء الكاهنات يُشاركن في الحياة الدينية العامة والخاصة، مما يمنحهن مكانة اجتماعية مرموقة ونفوذًا كبيرًا في المجتمع.
المهرجانات والاحتفالات
كانت المرأة تشارك بفعالية في المهرجانات والاحتفالات الدينية والاجتماعية في مصر القديمة. كانت تُعتبر جزءًا أساسيًا من الطقوس والاحتفالات التي تُقام في المعابد والمناسبات العامة. كانت تُشارك في تنظيم الاحتفالات الدينية وتقديم القرابين، بالإضافة إلى المشاركة في الأعياد والمناسبات الاجتماعية مثل حفلات الزواج والميلاد. كانت هذه المشاركة تُعزز من مكانة المرأة في المجتمع، وتُظهر مدى تأثيرها في الحياة الدينية والاجتماعية.
|
النساء العاملات والفنانات
النساء في الفنون والحرف
كانت المرأة المصرية القديمة تُشارك في العديد من الفنون والحرف. كانت تعمل في صناعة النسيج والحلي والفخار، حيث كانت تُظهر مهارات فائقة في هذه المجالات. كانت النساء تُدير ورشًا حرفية وتعمل في صناعة المنتجات اليدوية التي كانت تُباع في الأسواق المحلية. كانت المرأة الفنانة تُعتبر جزءًا من التراث الثقافي والفني لمصر القديمة، وتُسهم في نقل هذا التراث إلى الأجيال التالية.
المرأة في الأدب والموسيقى
كانت المرأة المصرية القديمة تُشارك في الأدب والموسيقى، حيث كانت تُعتبر جزءًا من الحياة الثقافية والفنية للمجتمع. كانت تُشارك في كتابة الشعر والأدب، وتُظهر مهاراتها في النثر والشعر. كانت تُعزف الموسيقى وتُغني في الاحتفالات والمناسبات الخاصة، مما يُعزز من مكانتها كفنانة ومثقفة. كانت المرأة المثقفة تُعتبر حافظة للتراث الأدبي والفني، وتُسهم في نقل هذا التراث إلى الأجيال التالية.
دور المرأة في السياسة والحكم
الملكات الحاكمات
كانت بعض النساء في مصر القديمة يصلن إلى أعلى مراتب السلطة، حيث يتولين الحكم ويؤثرن في مسار الدولة. كانت الملكة حتشبسوت واحدة من أبرز الملكات الحاكمات، حيث تولت الحكم لفترة طويلة وحققت إنجازات كبيرة في مجال البناء والتجارة. كانت حتشبسوت تتمتع بمهارات قيادية وقدرة على إدارة شؤون الدولة بفعالية. قامت بإنشاء العديد من المشاريع الإنشائية الكبيرة، مثل معبد الدير البحري، وساهمت في تعزيز التجارة الخارجية لمصر.
كذلك، كانت الملكة كليوباترا السابعة واحدة من أكثر النساء تأثيرًا في تاريخ مصر القديمة. كانت كليوباترا تتمتع بحنكة سياسية وقدرة على التفاوض مع القوى العظمى في ذلك الوقت. حافظت كليوباترا على استقلال مصر خلال فترة حكمها، وكانت تُعتبر رمزًا للقوة والذكاء والجمال. كانت تتمتع بنفوذ كبير، ولعبت دورًا محوريًا في السياسة الإقليمية والدولية، مما جعلها شخصية تاريخية بارزة.
الملكات غير الحاكمات
حتى الملكات اللواتي لم يتولين الحكم بشكل مباشر كن يلعبن أدوارًا هامة في إدارة شؤون الدولة ودعم أزواجهن في مهامهم. كانت هؤلاء الملكات يتمتعن بنفوذ كبير وسلطة غير مباشرة من خلال تأثيرهن على الملك والحاشية الملكية. كانت الملكة نفرتيتي، زوجة الملك أخناتون، واحدة من هؤلاء الملكات اللواتي كان لهن تأثير كبير على السياسة والدين في مصر. كانت نفرتيتي تُعتبر شريكة في الحكم، وكانت تُشارك في الطقوس الدينية والسياسية، مما عزز من مكانتها وأهميتها في التاريخ المصري القديم.
حقوق المرأة القانونية والاجتماعية
حقوق الملكية
كانت المرأة في مصر القديمة تتمتع بحقوق واسعة فيما يتعلق بملكية الأراضي والممتلكات. كانت تستطيع أن تشتري وتبيع وتدير ممتلكاتها الخاصة بشكل مستقل، كما كانت تستطيع أن ترث ممتلكات من أسرتها. كانت هذه الحقوق القانونية تعطي المرأة قدرًا كبيرًا من الاستقلالية والقدرة على المشاركة الفعالة في الحياة الاقتصادية. كان للمرأة حق الدفاع عن حقوقها أمام القضاء، مما يعكس مدى تقدير المجتمع المصري لحقوق المرأة وقدرتها على إدارة شؤونها المالية والاجتماعية.
الحقوق الاجتماعية والقانونية
كانت المرأة المصرية تتمتع بحقوق اجتماعية وقانونية تضمن لها مكانة مرموقة في المجتمع. كانت تشارك في الحياة العامة والأنشطة الاجتماعية، وتتمتع بحقوق تحميها في مكان العمل والحياة اليومية. كانت النساء يُشاركن في الجمعيات والمنظمات المحلية، حيث يُسهمن في تحسين حياة المجتمع من خلال العمل الخيري والتطوعي. كانت هذه الحقوق تعزز من مكانة المرأة في المجتمع، وتُمكنها من تحقيق أهدافها والمساهمة بفعالية في بناء المجتمع.
الاستنتاج
لقد كانت المرأة في مصر القديمة تتمتع بمكانة خاصة ودور حيوي في الأسرة والمجتمع. من خلال حقوقها الموسعة وقدرتها على المشاركة في مختلف المجالات، أثبتت المرأة المصرية قدرتها على التأثير في مسار الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية لمصر القديمة. هذه المكانة المتميزة تعكس التقدم الحضاري الذي حققته مصر القديمة، حيث كان المجتمع يقدر قيمة المرأة ويستثمر في طاقاتها لتحقيق الرقي والتقدم. إن دور المرأة المصرية القديمة يعد نموذجًا يحتذى به في تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، والمشاركة الفعالة في بناء مجتمع قوي ومزدهر.
المصادر
مصادر عربية:
المرأة في مصر القديمة - د. رفيقة زكريا، دار الفكر العربي، 2005.
المرأة في تاريخ مصر القديمة - د. نادين عبد الله، مكتبة الأسرة، 2010.
المرأة المصرية القديمة: دراسة تاريخية وثقافية - د. محمد إبراهيم، دار الكتاب الحديث، 2012.
حياة المرأة في مصر الفرعونية - د. سامية حسن، مكتبة مدبولي، 2008.
موسوعة النساء في الحضارات القديمة - د. فاطمة عبد الرحمن، دار الهدى، 2015.
مصادر أجنبية:
Women in Ancient Egypt - Joyce Tyldesley, University of Texas Press, 2006.
The Women of Ancient Egypt - Gertrude Caton-Thompson, Oxford University Press, 1934.
Egyptian Women in Antiquity - Ann Macy Roth, University of Michigan Press, 1993.
The Role of Women in Ancient Egypt - William Kelly Simpson, Harvard University Press, 1988.
Daily Life of Women in Ancient Egypt - Lise Manniche, Cambridge University Press, 2002.